الأربعاء


هذه الأيام تمضي 19 عاماً على رحيل الموسيقار الكبير بليغ حمدي، كان لبليغ نصيب وافر من اسمه فهو بقدر ما كان غزيراً في إبداعه كان أيضاً بليغاً في أنغامه.

قدم «بليغ» ليس مئات بل آلاف الألحان المبدعة ويبقى في المشوار لحن أثار عديداً من التساؤلات وأيضاً الإشاعات.
قبل نحو 50 عاماً وبمجرد غناء أم كلثوم رائعتها «أنساك ده كلام أنساك يا سلام أهو ده اللي مش ممكن أبداً» التي كتبها مأمون الشناوي ولحنها بليغ حمدي رسم صلاح جاهين كاريكاتير على صفحات جريدة «الأهرام» يقول فيه: «أهو ده اللي مش لحنك أبداً يا بليغ؟!».


ظل الأمر غامضاً صلاح جاهين وبليغ حمدي جمعتهما جيرة وهما طفلان لماذا إذاً يتهمه بالسرقة؟ من الذي لحن؟! قيل وقتها إن الشيخ سيد مكاوي صديق صلاح جاهين هو الذي أوعز إلى صلاح بهذا الكاريكاتير، وكان يقصد أنه صاحب اللحن الأصلي، مر زمن وماتت الإشاعة بسبب تعدد نجاحات بليغ، إنه ليس فقط واحداً من أهم ثلاثة ملحنين في جيل ما بعد محمد فوزي؛ الاثنان الآخران هما كمال الطويل ومحمد الموجي، ولكنه أيضاً «بليغ» هو الأغزر إنتاجاً بين كل ملحني الموسيقى الشرقية في العالم العربي. قبل عدة أيام وعلى موجة إذاعة إحدى المحطات الغنائية استمعت إلى عازف الأورج الشهير هاني مهنا وهو يفتح مرة أخرى هذا الملف، خاصة أنه يعد آخر العازفين الذين التحقوا بفرقة أم كلثوم قبل أن تعتزل الحفلات في مطلع عام 1972. «هاني» أكد نقلاً عن أم كلثوم أن الشيخ زكريا أحمد هو الذي لحن المقدمة والمقطع الأول لأغنية «أنساك»، وأن بليغ أكملها بعد رحيل زكريا، والحقيقة التاريخية التي لم يذكرها مهنا هي أن بليغ لم يكن هو الملحن التالي للشيخ زكريا أحمد الذي كان هو أول من اختارته أم كلثوم لتلحين الأغنية، إذ إن كاتب الأغنية مأمون الشناوي بعد رحيل زكريا رشّح سيد مكاوي للتلحين على اعتبار أنه تلميذ في مدرسة زكريا أحمد إلا أن أم كلثوم لم تتحمس للحن الشيخ سيد مكاوي بعد أن استمعت إليه كاملاً، فكانت المحطة الثالثة لأغنية أنساك هو محمد فوزي الذي شرع فعلاً في التلحين وأرادت أم كلثوم أن يسرع بالتلحين حتى تلحق موعد الحفل فاعتذر عن استكمال اللحن ورشح لها بليغ حمدي الذي أنجز اللحن في بضعة أيام، وكان سيد مكاوي بعد مرور أسابيع قليلة على رحيل بليغ حمدي في نهاية عام 1993 قد صرح في أحد البرامج التلفزيونية أنه صاحب لحن «أنساك»، أتذكر أنني سألت الشاعر مأمون الشناوي قال لي: «نعم سيد مكاوي لحن أنساك»، ولكن اللحن الذي قدمه «بليغ» مختلف تماماً وأن «بليغ» لم يستفد من لحن سيد مكاوي، أما زكريا أحمد فلقد مات قبل أن يشرع في التلحين، ولهذا فلا يوجد لحن ولا مقدمة، أما الوحيد الذي ترك بصمة ما على لحن بليغ حمدي وكان ذلك بموافقته ورغبته فإنه محمد فوزي، وتحديداً في المقطع الذي تقول فيه «ده مستحيل قلبي يميل ويحب يوم غيرك أبداً.. أبداً»؟!
هذه هي حكاية «أنساك» كما رواها لي شاعر الأغنية مأمون الشناوي مع تسليمي بالطبع أن من حق الآخرين أن يذكروا روايات أخرى.

Leave a Reply

Subscribe to Posts | Subscribe to Comments

- Copyright © بليغ حمدي - Skyblue - Powered by Blogger - Designed by Johanes Djogan -